القبض على شخص دون وجه حق
النص المتعلق بهذا الشأن:
نظم قانون العقوبات هذه الجريمة في المواد ٢٨٠ و٢٨١ عقوبات وأدرج الظروف المشددة لها في المادة ٢٨٢أما النصوص المجرمة للفعل فهي مادة ٢٨٠ عقوبات "كل من قبض على أي شخص أو حبسه أو حجزه دون أمر أحد الحكام المختصين بذلك وفى غير الأحوال التي تصرح فيها القوانين واللوائح بالقبض على ذوى الشبهة يعاقب بالحبس أو بغرامة ل تتجاوز مائتي جنيه" ومادة ٢٨١"يعاقب أيضًا بالحبس مدة ل تزيد على سنتين كل شخص أعار محل للحبس أو الحجز غير الجائزين مع علمه بذلك." وتجريم فعل القبض هذا أصله هو أن الفطرة الإنسانية تبغض ما يهدد حريتها؛ فوجب تجريم الأفعال التي تقيدها بغير حق أو سلطة قانونية حتى لا ينفض النظام على آسر عدم التجريم.
أساس المواد ٢٨٠،٢٨١،٢٨٢:
الدستور المصري لعام ٢٠١٩ في مادته الخامسة نص على احترام حقوق الإنسان وحريته فوجب تجريم الأفعال المتعدية على الحرية مثل القبض دون حق لحماية الحق الدستوري وهذه المواد المجرمة أتت في الباب الثالث من قانون العقوبات في ما يخص الجنح والجنايات التي تحدث لآحاد الناس.
أركان جريمة القبض:
المادة ٢٨٠ عقوبات وضحت انه لتحقق جريمة القبض لابد من توافر ثلاث عناصر وهي: أ- القبض على شخص، ب- عدم وجود نص أو مبرر قانوني للقبض، ج- القصد الجنائي
أولا: القبض علي شخص أو حبسه:
أما القبض فهو حرمان شخص من حرية الحركة والتنقل من قبل شخص أو أشخاص، والحبس هو سجنه في مكان خاص ومقابله الحجز الذي يتم في السجن وهو المكان الحكومي، والأفعال الثلاثة لا يشترط اجتماعها للعقاب فيكتفي حدث واحد كالقبض كجريمة وقتية، والحبس والسجن جرائم مستمرة.
ثانيا: انتفاء مبرر القبض قانونا:
أي أنه لا يجيز القانون القبض اعتباطا على الناس إلا في حالات الاشتباه القاطع، مثل تكليف مأمور القبض بالقبض على من توجد ضده دلائل قاطعة في ارتباطه أو ارتكاب جنحة أو جناية يعاقب عليه بالسجن مدة لا تزيد عن ثلاث أشهر. لابد من توافر مبرر قوي للقبض أو الحبس، مبرر يعتد به القانون.
ثالثا: القصد الجنائي:
لابد أن يكون هناك حالة من العمد على ارتكاب الجريمة فهي من الجرائم العمدية فلا عدّ حبس شخصا نسيانا لوجدة في المنزل جريمة، ولو قبض شخص على أخر بحسن نية ظنا منه أنه أرتكب جناية ولكن اتضحت براءته لا جرم ارتكب لعدم توافر القصد؛ توفر القصد بأنه يحرم الشخص ويسطوا علي حريته لابد من وجوده، وفي حالة الإكراه مثل إجبار شخص علي حبس شخص أخر لا يعد المغصوب مؤدي لجرم لعدم النية. أما الباعث فلا دور له في تحديد تحقق الجرم، مثل حبس مأمور القبض لغرض الهرب والباعث هنا لا يعتد به وتتحقق الجريمة.
العقاب علي جرم القبض:
العقوبة المقررة هي الحبس والتغريم بمائتي جنية وهذا عند عدم توفر ظرف مشدد لها.
بعض الحالات التي يسمح فيها بالقبض أو الحبس:
سمح القانون المصر للأفراد بالقبض في حالة الالتباس بفعل الجريمة علي أن يسلم لمأمور الضبط أو أي عضو من النيابة العمومية. وبعض حالات جواز القبض القانوني هي:
أ- يمكن للأساتذة والمدرسون والأهل وكل من هو مسئول عن تربية ورعاية الأطفال والأبناء أن يحجزهم كعقاب لهم دون اللجوء للقضاء، ولكن هذا النوع من العقاب قد يتحول لجرم إذا ثبت أنه جاوز الحد الإنساني.
ب- لحدود معينه أجازت الشريعة الإسلامية للزوج منع زوجته من الخروج والتواصل مع العالم لأسباب مثل خَشْيَة الفتنة وربما لأن خروجها يعطل غرض الزواج، وأيضا يمكنه منعها من مقابلة ورؤية من يرى استحسان ذلك ناحيتهم.
ج- لمن يثبت وجود مرض في عقله قد يدفعه لأذية نفسه أو الناس يمكن حجزة من قبل أهله أو المسئول عنه لحمايته ودرء خطره عن الناس، وله أن يودعه في إحدى مصحات العلاج لعلاجه والإبقاء عليه فيها.
د_ أما الموظفين فلا يمكن لهم القبض علي أحد خارج نطاق القانون والتخصص مثل القبض علي المتهمين وفي حالات خاصة اشتباه العاهرات والمسافرون دون جواز سفر.
مشددات العقوبة:
المادة ٢٨٢ عقوبات نصت على ما يشدد العقوبة والمشددات هي والتزيي بزي حكومي والاتصاف بصفة كاذبة، والتهديد بالقتل والتعذيب.
أ- التهديد بالقتل والتعذيب:
يكفي التهديد الكتابي أو الشفوي بالقتل وقت الحجز لتشديد العقوبة ولا تهم طريقة توصيل التهديد إلى المحجوز وإنما يعتد به مادام حدث وقت الحجز، والتعذيب هنا مقصود به التعذيب البدني وليس النفسي فلم يعترف القانون بالنوع النفسي كمشدد للعقوبة، والتعذيب البدني يقدر من القاضي، وهو إحداث ألم جسدي في المحجوز باختلاف طرق إحداثه سواء كان بصعقة كهربائيا أو قطع أطرافه أو حرقه ومنعه من النوم وربطه بالسلاسل، المهم هو إحداث الأذي البدني الغير بسيط لتشديد العقوبة؛ فالضرب البسيط مثلا ليس بمشدد لها.
ب- ارتداء ملابس حكومية وانتحال صفة مزيفة وادعاء صدور الأمر من الحكومة:
أرتداء ملابس مثل زي الشرطة أو الجيش لتسهيل عملية القبض هو ظرف مشدد حتى ادعاء الصفة وإيهام المراد القبض عليه بالصفة مثل صفة وكيل نيابه لتسهيل ارتكاب جريمة القبض هو ظرف مشدد، وأيضا تزوير ورقة والقول بصدورها من الحكومة ظرف مشدد ولكن يشترط وجود الورقة المزورة فلا يعتد بالادعاء اللفظي في حالة التزوير كظرف مشدد.
العقوبة المترتبة على وجود مشددا للجريمة:
السجن المشدد هو ما نصت عليه المادة ٢٨٢ عقوبات في حالات وجود ظرف مشدد للعقوبة. وأيضا المادة ٢٨١ نصت على أنه من يعلم بالجريمة ويعير منزلا أو مكانا لارتكابها يعاقب بالحبس مدة لا تزيد عن سنتين.
الخطف
المشرع جرم وحدد جرائم الخطف في المواد ٢٨٣إلى ٢٩٣ عقوبات وهي:
خطف طفل حديث الولادة:
نظمت المادة ٢٨٣ عقوبات هذا الجرم في نصها "كل من خطف طفلا حديث العهد بالولادة أو أخفاه أو أبدله بأخر أو عزاه زورًا إلى غير والدته يعاقب بالحبس فإن لم يثبت أن الطفل ولد حيًا تكون العقوبة الحبس مدة لا تزيد على سنة. أما إذا ثبت أنه لم يولد حيًا فتكون العقوبة الحبس مدة لا تزيد على شهرين.
شرح المادة:
المادة أوضحت أن هنا ثلاث حالات عند خطف الأطفال ولكل حالة عقاب خاص بها ولأجل تطبيق العقوبة والمسمي الإجرامي للأبد من إثبات حالة أو وضع الطفل عند خطفه والأحوال التي نص عليها هي أ- يكن حيا، ب- لا يتيقن من حياته أو موته وقت الولادة، ج- أن يثبت موته وقت الخطف.
أ- جريمة خطف الطفل المولود حيا:
غرض تجريم الفعل هو حماية الطفل وصيانة الأنساب، ولتحقق هذا الجرم لابد من تحقق الفعل المادي وهو خطفة وتبديل نسبة وأن يقع على طفل حديث الولادة متيقن من حياته وأن يكن هناك قصد جنائي.
أولا: الفعل المادي:
أن يقوم المجرم بفعل من الأفعال المذكورة في المادة ٢٨٣ وهي الخطف، والأبدال، ونسبة إلى غير الأم وأضاف علي ذلك المشرع الفرنسي التضييع، والخطف هو إخفاء الطفل من قبل شخص وعدم عرفة أحد بمكانة، والإخفاء هنا يتضمن تربية الطفل سرا وإخفاء نسبة، والأبدال هو بوضع طفل أخر مكانة بقصد ونسبه أم غير أمه، وتضيعه يكن بأخفاء الطفل مثل أن يولد الطفل ولا تبلغ أمة وإن مات يدفن دون علم أحد فتكن أيضا إما جنحة إخفاء جثة إذا كان الطفل قد مات لأسباب غير طبيعية أو مخالفة عدم التبليغ عن الولادة. العقاب لا يطبق في حالة الخطف الذي تم على من له سلطة مشروعة فالمرأة التي تعتني بالطفل في الحضانة لا يعدّ خطفا، والأم التي سجلت مولودها ثم أعطته عائلة أخري خشيته عليه من زوجها السفاح لا يعدّ خطفا لان النسب محفوظ والأم ممن له شأن في مصلحة الطفل.
ثانيا: أن يكون حديث الولادة:
تطبق المادة ٢٨٣ علي الطفل الذي خطف ولم يمر علي ولادته ساعات أو أيام فإذا زادت المدة كان تكن شهرا لا تطبق المادة على هذا الخطف وإنما تختص به مواد غيرها.
ثالثا: القصد الجنائي:
النية أو القصد هنا تتحقق بمجرد ارتكاب الفاعل الجرم وأما باعث الجرم فلا يعتد به.
خطف أنثى بالتحايل أو الإكراه
مادة رقم ٢٩٠ عقوبات نصت على "كل من خطف بالتحايل أو الإكراه أنثي أو بواسطة غيره يعاقب بالسجن المؤبد. ومع ذلك يحكم على فاعل هذه الجناية بالإعدام إذا اقترنت بها جناية مواقعة المخطوفة بغير رضاها."
شرح المادة:
وضحت المادة أنه لابد من تحقق هذه العناصر لتطبيق المادة علي الفعل، أ- خطف أنثى، ب- الإكراه والتحايل، ج- القصد الجنائي.
أ- خطف أنثى:
الخطف يحدث عند سلب ارادة الفتاه وتقيدها إلى مكان غير متعارف واختفاء خبرها عن ذويها، فلو أخذت إلى مكان ثم تركت لا يعدّ خطفا، ولو أن رجل أقتاد فتاه دون عن أردتها لاغتصابها فتمنعت فتركها بعدها لا يعدّ خطفا لأنه لم يقطع الصلة بينها وبين ذويها.
ب- الإكراه والتحايل:
والإكراه هو السيطرة وسلب إرادة الضحية سواء بالعنف البدني أو بالتهديد ويراعي فيه سن وحال الضحية الجسدية والنفسية. أما التحايل فهو الكذب لتحقيق الغرض سواء كان بتزييف الواقع مثل أدعاء أنه من الأقارب أو انه مبعوث من الأهل وتختلف طرق التحايل، والتحايل يمكن أن يتم على الأهل ولا يشترط قيامة على الضحية فقط مثل أن يعرض علي الابن مقابل مادي لغسل سيارته فيوافق الأهل وهو في الأصل ينوي خطف الابن.
ج- القصد الجنائي:
والقصد أو النية هنا تكفي إثباتها بأن يقوم الجاني بخطف الفتاة من مكانها وقطع أخبارها مع تحقق العناصر السابقة، والباعث ليس له أهمية في الإثبات ولكن قد يعتد به القاضي في تقدير العقوبة.
العقوبة:
العقوبة التي نصت عليها مادة ٢٩٠ عقوبات هي السجن المؤبد وتحول العقوبة وتشدد إلى الإعدام إذا اقترن الخطف بمواقعة واغتصاب الفتاة دون إرادتها.
الخطف دون تحايل أو إكراه
مادة ٢٩٨ نصت على "كل من خطف بنفسه أو بواسطة غيره من غيري تحيل ولا إكراه طفلا لم يبلغ سنه اثنتي عشرة سنة ميلادية كاملة يعاقب بالسجن المشدد مدة لا تقل عن خمس سنوات"
شرح المادة:
لتحقق الجرم المنصوص عليها لابد من تحقق أ-الخطف، ب- أن يكون المخطوف صغيرا، ج-تتوفر النية الجنائية
أ- الخطف:
الخطف هنا هو أخذ الطفل من المكان الطبيعي له إلى محل أخر وقطع صلة المسئولون عنه به ولا يشترط التحايل والإكراه في هذا الأمر، وإنما يكفي سلب الطفل من وسطه الطبيعي.
ب- صغر السن:
تدرج السن المعني به الطفل ضحية الخطف كان اثنا عشر عاما ثم عدل القانون واصبح الحد الأقصى لسنة ثماني عشر عاما.
ج- النية الجنائية:
والنية هنا هي قصد الجاني خطف الطفل وأبعاده عن أهله أيا كانت بواعثه على هذا حيث إن لا اعتداد بالبواعث.
العقاب:
يعاقب المجرم بالسجن من ثلاث إلى عشر سنين ولكن في حالة كون المخطوف انثى تكن العقوبة السجن المشدد مدة لا تقل عن خمسة عشر عاما، عدّ القانون الشريك كالفاعل الأصلي في هذه الجريمة.
بعض الحالات الأخرى المجرمة وعقابها
١- مادة ٢٨٥ تعريض طفل لم يبلغ السابعة للخطر وتركة في محل خالي من الناس يعاقب بعقوبة الجرح العمد وإذا تسبب في موته يعاقب بعقوبة القتل العمد. أما التعريض للخطر فيكو بأفعال متعدده مثل تهديد سلامته البدنية وحتى أخلاقه، منعه من لقاء أبوه أو أمه، أشغاله في التسول وحرمانه من العلم، والتحرش به وتوظيفه في عمل أفلام إباحية.
٢- مادة ٢٨٧ تعريض طفل لم يجاوز السابعة للخطر وتركه في مكان ملئ بالناس في هذه الحالة يعاقب القانون الشخص بغرامة لا تتجاوز مائتي جنية والحبس مدة لا تزيد عن ست أشهر.
قائمة المراجع
١- القبض على الناس وحبسهم بدون وجه حق وسرقة الأطفال وخطف البنات في قانون العقوبات، المستشار محمود سلامة، بنك المعرفة المصري.
٢- دستور جمهورية مصر العربية وفقاً للتعديلات الدستورية التي أدخلت عليه في 23 أبريل 2019
3- قانون العقوبات المصري طبقا لاحدث التعديلات بالقانون 95 لسنة 2003م الوسيط في قانون العقوبات - القسم الخاص، د. أحمد ٤- فتحي سرور، دار الطباعة الحديثة، الطبعة الرابعة، 1991، القاهرة.
٥- شرح قانون العقوبات القسم الخاص، الدكتور أحمد شوقي أبو خطوة، دار النهضة العربية، القاهرة.
Comments
Post a Comment