ميراث الحمل
تعريف الحمل لغوياً وطبيا:
الحمل لغتا واصطلاحا يوافق المعني الطبي والشرعي وهو انه "مُدَّة يُحمَل فيها صِغار الثدييَّات في أرحام أمَّهاته" والحمل له شروطه في الشريعة الإسلامية وهي:الشرط الأول:
حياة الجنين كليا أو أغلبه لأن الاستحقاق وأهليه التملك للميراث تتحقق بحياته وذا مذهب الأمة الثلاث ولكن القانون أخذ فقط بأن الورث فقط للجنين الحي حيث أنة إذا ولد ميتا أو مات قبل انفصاله لا يرث، والتحقق من الحياة يكن بأساليب مختلفة سواء عن سماع بكائه أو إمساكه بثدي الأم فعن رسول الله ﷺ "إذا استهل المولود صلى عليه وورث" وفي حالة عدم الاستدلال عن الحياة من الأهل يتم استشارة الطبيب.الشرط الثاني:
كون الجنين موجود في رحم الأم وقت وفاة مورثة، وهذا الأمر يتحقق عن طريق الاستدلال بمدة الحمل الذي يعلم منها وجودة وقت الوفاة ومدد الحمل تقاس على أكثرها وأقلها.أكثر مدة الحمل:
اختلف الفقهاء في هذا الأمر لعدم وجود نص في القران أو السنة بهذا الشأن وأخذ الخلاف هذه المناحي:أ- المالكية أخذت بأن الأكثر خمس سنوات، وأيضا قال محمد بن الحكم أن أكثرها سنة هلالية.
ب- الشافعية قالت بكونها أربع سنوات وهو رأى من أراء المالكية وأصح آراء الإمام أحمد بن حنبل.
ج- أخذ الظاهرية بأن أكثرها تسع أشهر.
أما القانون فقد أخذ برأي أهل الطب نظرا إلى أن هذه الآراء استندت فقط إلي الأخبار، وكان رأي أهل الطب والخبرة سنة شمسة أي 365 يوم أكثر الحمل وكان هذا قريب لرأي الفقيه المالكي محمد بن الحكم.
أقل مدة الحمل:
ستة أشهر هي ما ذهب له جَمهور الفقهاء وبنوا هذا الرأي على قوله تعالى (وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا) وأيضا قوله تعالى (وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ) فنسوا الحمل من الفصال فلم يبق للحمل سوى ست أشهر.أما الحنابلة قالو بأنها تسعه والكمال بن الهمام قال أيضا بتسعة أشهر بناء علي المعتاد في أمر الحمل.
القانون أخذ بكونها تسع أشهر أي 270 يوم، وعلي هذا إذا كان الميراث من مَيِّت لا يرث أي ممن له حق الإرث إلا بعد وضع الجنين في مدة أكثرها سنة من تاريخ وفاة المورث أو الطلاق حتي يتحقق كونه كان في رحم الأم وقت حياة المورث فأن وضع الطفل في مدة أكثر من سنة شمسية لا يثبت النسب فلا إرث له. أما في حالة الإرث من غير المَيِّت وكانت الزوجية قائمة لا يرث الحمل إلا إذا ولد في مدة 270 يوم فأقل من تاريخ موت المورث، وإذا كانت الزوجية غير قائمة ومات المورث في أثناء العدة يرث الحمل إذا ولد في خلا سنة من تاريخ الطلاق أو موت الوفاة ليتحقق من وجود الحمل وقت وفاة مورثة.
الموقف من التركة للحمل:
الولادة القريبة يوقف تقسيم التركة إلى ما بعد الولادة أما البعيدة فلا يوقف التقسم لما فيه من ضر وإن ولد حيا فضت التركة وقسمت من جديد، ورأى الشافعي هو وقف المتبقي بعد إعطاء أصحاب الفروض الذين لا تتغير أنسابهم بتغير الحمل ما أستحقه من التركة.أما أبو حنيف رأي بإيقاف نصيب أربع بنات أو بنين أيهم أكثر وبقية الورثة تعطي أقل الأنصباء، وأما محمد بن الحسن رأي بوقف نصيب ثلاث بنات أو بنين أيهم أكثر، وله رواية أخرى وهي بوقف نصيب بنتين أو أبنين أيهم أكثر.
القول الأخير هو مذهب الليث بن سعد وفيه يوقف نصيب بنت أو ابن واحد أيهم أكثر لأن المعتاد هو حمل الرحم لجنين واحد.
ميراث الحمل وأحواله الخمس:
صورة ميراث الحمل لا تقع خارج هذه الصفات:أ- لا إرث له ذكرا كان أو انثي أي محجوب، فلا يوقف له نصيب من الميراث، وتوزيع النصب على المستحقين توزيعاَ نهائياَ.
ب- تفرد الحمل بالتركة وحده فلا شريك له يقتسم معه التركة، وهنا يوقف الميراث كله للحمل.
ج- عدم أختلاف الميراث المستحَق سواء كان الحمل ولد أو بنت مثل أن يكون الحمل عن أولاد الأم ففي هذه الحالة يوقف السدس ولو كان الحمل اثنين فأن كل منهم يأخذ الثلث.
د- أختلاف الإرث تبعا لجنس الحمل وهنا يوقف للحمل اكثر النصبين، وقد يكون الأكثر نصيب ذكر أو انثي علي حسب الحالة.
ه- أن يكون الحمل وارث ولكن علي أساس غير الأخر وهنا يوقف له نصيب علي اعتبار أنه وارث.
ميراث المفقود
تعريف المفقود:
المفقود من لا يعرف له مكان ولا خبر له وحاله حي أم مَيْت، وفقدانه نوعان:أ- فقدان يغلب فيها الظن بأنه مات نظرا للظرف الذي صاحب الفقد مثل أن يختفي أثره في الحرب أو البحر وهنا يحكم القاضي بموته بعد أربع أعوام.
ب- فقدان لا يتبين فيه من حالة المفقود سواء كان مَيْت أم حي مثل سفرة أو ذهابه للدراسة وبعدها انقطعت أخباره هنا يقد القاضي الأمر بعد أن يستخدم كل أساليب التحري عن حاله.
حكم المفقود:
جعل الفقه بعض الأحكام له مثل ألا تتزوج زوجته، ولا يورث، ألا بعد أن يحكم القاضي في أمره، فقد قال عليه السلام "هي امرأة ابتليت فلتصبر حتى يتبين موت أو طلاق".رأي العلماء في المدة التي عدّ فيها المفقود مَيْت:
أ- عدّ الأحناف موت أقرانه علامة لموته وأيضا روي عن أبي حنيفة أن المدة هي تسعون عاما.ب- رأي المالكية أن المدة هي سبعون عاما ولو شئت الزوجة رفعت الأمر للحاكم لينظر فيه وله أن يعطيها أجل أربع سنوات بعد انتهائها تعتد ثم تتزوج لو أرادت.
ج- تسعون عاما هو رأي الشافعية ولكن سمحوا للقاضي بالاجتهاد وله الحق في الحكم بموته بعد استبانة وتحققه من معطيات الأمور.
د- الحنابلة قالوا أن المفقود عدّ ميت إذا غلب هذا الأمر كمن يفقد في معركة أو في غرق سفينة، وهنا يبحث عنه أربع سنين وإن لم يوجد اعتبر ميتا ووزعت تركته واعتدت زوجته ولها أن تتزوج إن شاءت.
أما إذا لم يكن هناك تيقن من حاله سواء كان حي أم مَيْت مثل من خرج لتجارة أو دراسة فتختلف الآراء:
أ- اعتباره مَيْت بعد أن يتم التسعين.
ب- يترك الأمر لاجتهاد الحاكم.ميراث المفقود:
حالة توريث الغير من المفقود:
لا يرث أحد إلا بعد التيقن من أمره فلو وجد حيا لا يورث ولم حكم بموتة ورثه من له حق الإرث.حالة توريث المفقود من الغير:
يورث في كل الأحوال سواء كان مَيْت أو حي فإن حكم بموته انتقل الإرث إلى ورثة المفقود ولكن في حالة حياته وقت موت المورث وإذا رجع له الحق في ما تبقى في يد المورثون الآخرون أذا لم يكونوا قد تصرفوا في الأموال.توزيع الإرث الذي طرفه من مفقود:
أ- المفقود يمنع من معه من الإرث أي يحجبهم. هنا يوقف الإرث حتي يعلم أمره فإذا حكم بموته وزعت التركة وهذا الأمر مثل أي يفقد ابن فيموت والده وهنا يحجب الابن بقية أشقاء الابن من الإرث.ب- مجرد شريك في الإرث أي لا حجب للآخرين. هنا يكن لمن له الحق في الإرث اقل النصب كالخنثي، ومن يرث سواء مات أو حيي لا ينقص ارثه. ومثال هذا أخ شقيق يفقد وله أم وزوجة وأخ من أبُ، هنا ترث الأم السدس والزوجة الربع ويوقف الباقي إلى أن يعلم حالة.
ميراث الأسير
تعريف الأسير وحكمه:
الأسير هو من وقع في أسر العدو سواء كان في الحرب أو بأي شكل أخر. أما أحكامه فهي أنه إذا علم بتركه دين الإسلام وقت أسره لا يرث وحكمة حكم المرتد، ويتم التيقن من ردته عن طريق الاستشهاد بحكمي عدل مسلمين وعلى حكمه يقرر القاضي فُرْقَة زوجته وتقسيم تركته. أما أذا لم يثبت ارتداده يقع في حكم المفقود، وتوزع تركته بعد الحكم بموته.ميراث الخنثى
تعريف الخنثى وحكم ميراثها:
الخنثي هي من لا يعرف نوعها فقد يوجد العضوان الذكور والأنوثة وقد لا يوجد أي منهم:أ- لا مشكل في حالة مثل أن تغلب الذكورة علي الأنوثة مثل أن يكون له عضو ذكري وتنبت له لحية أو تكن له عضو أنثوي وتحييض، وفي هذه الحالة يرث على ما يغلب على حاله فإن غلبت الذكورة ورث كذكر ونفس الأمر لو غلبت الأنوثة.
ب- أن يكون مشكل أي لا يغلب حال على حال كأن يكون له ثدي ولحية في ذات الوقت، وهنا كان الأقوال بأنه يأخذ أسواء الأحوال، فإن كان يرث في حال دون الأخر لا يرث لعدم التيقن، وان كان إرثه يتوقف على كونه أنثى فإنه يرث لأنه الأقرب لليقين وهذا رأي جَمهور الصحابة.
الشافعية قالوا أيضا بأخذه بأسواء الأحوال إلى اتضاح جنسه، والمالكية قال بميراثه نصف النصيبين.
ميراث ولد اللعان
تعريف ولد اللعان:
هو الحمل المنكر من والده بالرغم من أنه ولد على فراش الزوجية ضمن زواج شرعي صحيح وفي ذمة زوجها. يترتب على هذا الإنكار اتهام ضمني للزوجة بالزنا ولكن دون أي أدلة أو شهادة شهود أي شروط ثبوت الزنا لا تقدم بأي شكل، وعل هذا يلجأ الزوجين للقضاء للتلاعن أمامه وهذا لدرء حد الزنا عن الزوجة و القذف عن الزوج، فيقوم أولا الزوج يشهد اربع بهذه العبارة "أشهد بالله إني لمن الصادقين فيما رميتها به من الزنا" ثم يشهد الخامسة ويقول "أن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين فيما رماها به من الزنا" وبعد شهادته تشهد الزوجة أربع شهادات عبارتها "أشهد بالله أنه لمن الكاذبين فيما رماني به "أن غضب الله عليها إن كان من الصادقين فيما رماها به من الزنا" وبعد شهادتهم يفرقهم القاضي ويلحق الابن بأمه.واللعان له اساس قراني فقد قال تعالي (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُن لَّهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ ۙ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ)
حكم ولد اللعان:
ولد اللعان لا ينسب لأبيه وإنما لأمه وعلي هذا يرث من أمه فقط وترثه وأيضا يرث من أهلها، أما الأبُ فلا صلة له به، وشروط أرثه من أقرباء الأم أن يكون قد ولد في مدة تسع أشهر أو أقل من تاريخ وفاة مورثه.ميراث ولد الزنا
تعريفه:
هو الطفل الذي يولد دون أن يكون بين الأب والأم عقد زواج شرعي ويسمي ولد غير شرعي حسب الاصطلاح الحديث وأبوه أب غير شرعي.حكمه:
لا يرث ولد الزنا من أبوه غير الشرعي لأن النسب لا دليل عليه وهذا يلغي أساس الإرث وأيضا لا يرث أباه ولا أقاربه منه، ولكن يرث من أمه وأهلها وترثه أمه وأهلها لأن النسب مثبت ومضمون.ميراث الغرقى والهدمى
تعريفهم:
هم مجموعة من الأشخاص يتوارث بعضهم البعض ولكن تحدث لهم حادثة كالغرق أو الحرق أو تهدم المنزل وأحيانا يتبين ممن مات منهم قبل الاخر واحيانا لا يتبين لانعدام القدرة.القاعدة التي تحكم ميراثهم:
يتم النظر في أمر من مات أولا فيتم توريثه لمن مات بعده ثم توريث لمن بعده أو لورثته في العموم، أما أذا لم توجد وسيلة للتحقق ممّن مات أولا فلا توارث بينهم وهذا ما أجمع عليه الفقهاء.قائمة المراجع
- الوصايا والأوقاف والمواريث في الشريعة الإسلامية، دكتور عبدالودود محمد الشريتي، أستاذ الشريعة الإسلامية بكلية الحقوق جامعة المنصورة، دار النهضة العربية للطباعة والنشر، بيروت - ص.ت 749-11.
- المواريث في الشريعة الإسلامية في ضوء الكتاب والسنة، محمد علي الصابوني، الأستاذ بكلية الشريعة والدراسات الإسلامية بجامعة أم القرى، مكة المكرمة.
- أحكام التركات والمواريث والوصايا، دكتور الهادي السعيد عرفة، أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة المنصورة
Comments
Post a Comment